بيشَبّا السومري وهَبشَبّا المندائي

أسامة قيس مغشغش

هَبشَبّا، مرتكز عقائدي لدى المندائيين يتعدى كونه فقط إسماً يطلقونه على يوم الأحد، بل هم يعدوه من الكائنات الأثيرية التي تجلت بها للبشر حقيقة من الأعالي فتراهم يصلون عليه ويلتمسون منه الشفاعة.
ورغم مكانته وتواتر ذكره في الأدبيات إلا أننا للآن لم نقف على تفسير للكلمة سوى أنها تعني يوم الأحد وأنها ترد كلازمة لأسماء ايام الاسبوع، مثلاً ترين هبشبا (الاثنين)، تلاتا هبشبا (الثلاثاء). وبالتالي تُرجم هبشبا الأثيري الى ملاك يوم الأحد، والبعض تركها دون ترجمة.
وبالعودة الى التراث الرافديني فان المصادر السومرية تقودنا إلى مصطلح (بيشَبّا) كلقب للآله أوتو، إله الشمس، الذي يناظره شمش بالأكدية، ومنه إشتق (إيشَبّا) الذي يرد بمعنى الراقِ أو طارد الشر. ويرى بعض الباحثين أن إيشبا درجة في النشوة الروحية أو ما عرفه الصوفيون لاحقاً بالوَجْد وفسر بأنه شعور لهب يتأجج فينقطع به المرء عن صفاته الانسانية لإتصاله بحقائق الكمال الأعلى.
إن ارتباط (بيشبا) السومري بالشمس ومفهوم الوجد يدعونا من جانب للنظر في إمكانية إشتقاقه من جذر (شَبّ) والشُبوب بمعاني الوهج والاتقاد، ومن جانب آخر فإنه يقدم لنا فكرة أوضح عن معاني هبشبا المندائي:
1. فهو صفة تقترن بإشراق المعرفة الربانية وإتقادها في النفس الصالحة لتفصلها عن الطبيعة الانسانية وتربطها بالكمال العلوي. يرد قاموسياً في تفسير شبّ: “نَمَاء الشيء وقوّته في حرارةٍ تعتريه”، وللمتتبع مقارنة هذا مع تراتيل هبشبا في الگنزا ربا وقلستا وكذلك ربطه بمفهوم الحرارة الحية كعنصر للتكوين.
2. تجسيد تلك المعرفة في هيئة رسول أثيري ملهم للصالحين وذائد للسيئات كما إيشبا السومري في الرقية وطرد الشر.
3. إقتران بيشبا/الشبوب بالشمس جعله علامة لتسمية يوم الأحد الذي يرتبط فلكياً بكوكب الشمس Sunday، ونرى ان دمجه مع تسمية الأيام لكون المندائيون يحسبون اليوم بدءاً بالشروق وانتهاءً بشروق تالٍ، وربما أيضاً لأن باقي كواكب الأيام تستمد نورها ونظامها من الشمس/شامش.